اسبوع الالم ..
من مصطفى المقداد الى حسن حسن الى جورج وسوف الى محمد الحريري ..الى جميع الاحبة
د خالد المطرود
…………………………………….
المكان .. حيث الدموع ليس لها عنوان تذهب إليه .. فجاءت كلها دفعة واحدة لتنسكب على وجع الخواطر المنكسرة
الزمان .. اسبوع الألم
والشخوص كل [الحبايب] ..
بدأت قبل أسبوع حكاية الفصل الحزين , من فصول مسرحيتنا الحياتية التي نحياها بكل خشوعنا لخالق هذا النظام الكوني الدقيق ..
نمر من بوابة الأمل إلى سرداب من الحزن ؛
كنا نظنه لا ينتهي , لكنه ينتهي فعلا حين نصل إلى بوابة حق اليقين ..
في أسبوع الألم..
ترسم المدينة أصوات الناس على شكل ذكرياتٍ من فرحٍ عابرٍ..
نتماسك بكل ما أوتينا من صلابةٍ وقسوة لنعلن أننا في أسبوع الألم , صرنا أضعف مخلوقات الله ..
لا نجيد إلا البكاء والتنهّد والتحسّر ..
كل ما فات من ذكريات من الذين أحببناهم ذات حياة عابرة ,
أو ذات ايام ثكلى ..
تعرّفنا فيها على كل ذواتنا الحالمة ,والمتأملة أن ترى صدى الخلود يوما في عين حبيبة , أو حبيب ..
عين ابن أو ابنة ..
ما أقساك يا أسبوع الألم ..
من أين تبدأ أول دموعك ..
هل تعرف كيف كانت اللحظات تمر
وأنت تمضي متمايلاً بكل خوفك واندثارك وتكوّرك على قليل من ذكريات بنيناها ذات أيام قليلة عبرت على حياتنا بمحض الشوق ..
فمن هو الذي سيحزن أكثر في أسبوع الألم ..
المسافر أم المودّع ..
مع أننا كلنا سنركب يوما ذلك القطار..
سنرتمي في إحدى القاطرات المعلقة بهذا القطار
الذي لا يتعب ..ولا يشبع..
كل ما يعرفه الناس عنه ؛ [أنه جائع .. نعم إنه قطار جائع]
لا يبقى في المحطة إلا بمقدار دمعتين وكلمة وداع ..
نعم إنه جائع .. لا يشبع .. ولا يرتاح .. ولا يتعب ..
كل ما يعرفه الناس عنه أنه يسرق أحلامنا منا ,
يسرق خطط حياتنا..
لنبدأ في كل مرة من أول درجات الأحزان ..
أحلامنا تمضي مع الأبناء الذين يمضون غصبا عن إرادتنا ..
ما أقساك يا أسبوع الألم ..
تبدأ من اتصال عابر ..
ألو ..نعم ..لقد بدأ أسبوع الحزن الشاب واثق مصطفى المقداد ابن الثلاثين ربيعا ..مضى مسرعا وهو يحمل بين يديه ربيع عمر أبيه ..
كان مستعجلا جدا على الركوب ..
قفز إلى القاطرة الأخيرة ..
كان يخشى أنه تأخر..
لم يكن يعلم أنه كان يقف أول راكب على باب قاطرة الرحيل ..
وتمضي ساعات ..
وتتوالى هزائم الكلمات ..
ألو .. إنه اتصال آخر لحزن جديد ..
هل سمعت الخبر .. ماذا؟
إنها الشابة آلاء حسن حسن ..
يا إلهي ..
عفوك ورحمتك وعطفك على القلوب المتعبة ..
إنها رحلة حزن جديدة .. بشكل جديد ..
أيها القلب كيف ستستطيع أن تحمل معك صنارات
صيد الحروف ..
كل أرصفة المحطات صارت تبكي علينا وعليك..
وأنت أيها الأب المكلوم تقف بعيداً عن القاطرات التي حملتها معهم ومضت ..
ويستمر اليوم الثالث في أسبوع الأحزان هذا ..
إنه أسبوع الفواجع .. فواجع الآباء على أبنائهم .. صبّرهم يا الله ..
كان الشاب وديع بحاجة لدخول المشفى ..
لم تكن حالته تستدعي أن يقفز من نافذة عشق جورج وسوف , ليقفز في القاطرة .. كان مسافرا من نوع آخر ..
ترك كل شيء وراءه ومضى ..
لا يلتفت على شيء من ماضيات الأيام ..
يركب القطار وفي درجة ممتازة ..
يضحك وهو ينظر من النافذة , فتصطدم ضحكته بدموع جورج و[تنهيدات] أحبته .. وحرقة فراق من كانوا ينتظرونه خارج بوابة الأمل ..
وها قد وصل القطار إلى اليوم الرابع .. وربما السابع .. أو الألف .. الله أعلم كم عدد تلك الأيام ..
لكن المؤكد أن القطار بدأ الرحلة من دمشق مع الشاب واثق ,
ومضى يغذ السير مسرعا ..
كنسمة هواء شمالية هبّت على أشرعة سفينة بحّار من زمن [الفينيق]
تقف في اللاذقية على حدود بحر المحبة مع الشابة آلاء ..
ليتابع القطار رحلته قادما من [بيروت] إلى [الكفرون ] وهو يعانق بكل عنفوان الروح ؛ الشاب وديع ..
يمضي مسرعا إلى جنوب القلب في حوران .. حيث الفاجعة تختتم أسبوع الأحزان .. بعلم من أعلام حوران ..
يعرفه القاصي والداني ويشهد له الجميع بمناقبيته العالية
القاضي محمد الحريري .. الذي تجرّع حسرة وداع أولاده الشباب من قبل .. حين كان يقف على رصيف المحطة ليودعهم بغصة في الحلق لا تنتهي ..
هذا هو اليوم .. آثر أن يهرب من ساعات الوقت
يغافلنا ويقفز إلى القطار ..
وإذ استقر في القاطرة الأخيرة , واطمأن أن الرحلة بدأت ..
مدّ يده ملوحاً لنا وهو يقول .. إلى اللقاء هناك مع الأحبة ..
آه يا أسبوع الأحزان ..
يا أسبوع الألم ..
ما أصعب حكاياتك ..
وما أقسى لحظاتك ..
ويبقى العزاء أننا كلنا حكايات لم تكتمل بعد ..
وذات يوم حين يأتي القطار من جديد ؛ ستكون ساعة الرحيل أزفت ..
ستأتي الساعة ..وسنصبح نحن الحكاية .. ونلحق بكل الأحبة الذين سبقونا ..