حدّثني حجر الرصيف قال :
لا تقل مرةً ثانية إن دربي طويلُ .. أنتَ في قلبِ السفرِ الدائمِ , في رحلةِ العمرِ القصيرةِ .
قلتُ لك للمرة المليون ..وأقول لما قبل الأخيرة الآن..
لأن الأخيرة لن تأتي قبل المشيب وقبل تقوّس الظهرِ ..
ومن دون أيّ رصاصة أو شظيّة ..
متمسّك إنّي للنهاية بك .. أيها الطاهر
يا ابن وطني .. يا وجع القضيّة ..
أسلتَ دمي .. بخّّرتَ جُرحي ليصرخَ في الفضا إنّي القتيلُ ..
ما استفاق عمري إلا على دربٍ .. كلُّ جسدي فيهِ قوافلٌ ..
تسري كالنهرِ .. تعبرُ كانهمارِ المطرِ ..
رصاصاً , أحلاماً وآلاماً ..
و كلُّ روحي تسيلُ هذياناً , جنوناً ؛ مطراً , تراباً , دماءً , وضياءً ..
كم قلتُ لك أيها النجمُ الساهرُ على حزني.. إن وعدي أصيلُ ..
أتغضب مني يا صديقي ..؟
أتغضب من حجرك .؟
اغضب كما تشاء .. اغضب ..
قلْ كل ما في نفسكَ من وجعِ .. تقيأ كل ما في روحك من ذكريات ..
لو لم تكن أنتَ يا كاتب التاريخ .. وناظم القصيدة .. ومنشد التراتيل .. وراسم الضوء .. وصانع البهاء .. وزارع الياسمين .. ما توقفتُ عند كل حرف وكل فاصلة ..!
لأنك أنتَ يا حامي الروح ..
أحبكَ .. أغارُ عليكَ ..
ألستَ أنتَ ولعَ الحياةِ , ونهرَ الأفق , وسرَّ حُلْمِ النصرِ .؟
لا تقف هكذا أمامي ؛ أنت دربي , وإنها المعركة .. خذني بيدك , إن اضطرك الأمرُ ؛ واضرب بي .
لكن لا تقف ابدأ الآن ؛ دع ما مضى ….!
احمل دربك على كتفيك .. خذ معك الذاكرة كي تغطيك ببرد الشتاء ..
خذ حلمك بالنصر معك , فلن تجوع بعد الآن أو تعرى ..!
امضِ وأنا سأنتظر حتى تعود .. كي تلقي عليّ تحية حمراء قبل أن يلفّوني بحلمي .. ويأخذوني على أكتافهم , وأنت تسير ورائي ..
وحين يمضون .. سأحكي لك حكايات من زمن جديد ..!