دمشق – البوصلة
أخذ موضوع كفالة ذوي الشهداء والمصابين والجرحى الكثير من الأخذ والرد في الفترة الماضية، إلى أن استقر الأمر على حجز 50% من المسابقات التي تعلن عنها الجهات العامة تحت مظلة القانون.
وهنا تتوارد مجموعة من التساؤلات: كم تستطيع هذه المسابقات أن تستوعب من ذوي الشهداء والمصابين من خلال نسبة الـ50% التي تقدم لهؤلاء؟
ذوو الشهداء والمصابين هم طيف واسع لعيَنات من المجتمع السوري أصبحت تحتاج إلى رعاية أخرى وعمل أخر غير الطريقة التي يتم التعامل بها معهم، أي أن المسألة تحتاج إلى المأسسة، مثل إحداث وزارة خاصة بالشهداء والمصابين والجرحى.
وعلى نفس المستوى ناقش مجلس الوزراء إحداث ( مؤسسة الشهيد ) وهذه توجهات لم تتعدى الطروحات، وهو اتجاه مؤسسي سيهيئ لكل الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية التي تحقق الرعاية المطلوبة، وتقديم الرعاية الاجتماعية المباشرة لمن يرغب عبر نظام ضمان اجتماعي وتأميني، كما سيهيئ برامج التأهيل والتدريب لمن يريد أن يعمل، وكذلك برامج رفع المهارات لأصحاب الشهادات الجامعية للدخول في اتجاه العمل المحدد لهم عبر اختصاصهم.
كذلك الأمر تقديم التأهيل والمنح لمن يرغب من ذوي الشهداء بتأسيس مشروع خاص به، وكل ذلك تحت رعاية وضمانه الدولة في كل شيء سواء في التمويل والكفالات وفي نظام التأمين الاجتماعي المناسب والذي لا يختلف في أي شيء عن العاملين.
على هذا المستوى وكتجربة محلية كشف محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى عن تخصيص مساعدات مالية محددة من الحكومة، إضافة إلى مبادرات مالية تقدمت بها بعض الجهات والشخصيات المالية في محافظة طرطوس لدعم ذوي الشهداء والجرحى، وعلى هذا الأساس تم إحداث دائرة متخصصة برعاية الجرحى والمصابين في المحافظة، إضافة إلى وجود دائرة لمتابعة الاهتمام بذوي الشهداء، وكذلك إحداث دائرة معنية بموضوع المساعدات العينية والإغاثية المقدمة من الحكومة والمنظمات الدولية، كما سُحب الموضوع من مديرية الشؤون الاجتماعية في المحافظة، لأن هذه المديرية لها مهمات أخرى وعمل آخر حسب رأي المحافظ، وكل ذلك سيكون نواة للتوجه لإحداث مديرية في محافظة طرطوس تجمع هذه الدوائر ضمن ملف واحد .
أبو سعدى كشف عن أفكار عملية يتم الشغل المباشر عليها بالاستئناس بكل التجارب العامة والخاصة الموجودة، وتقوم بالنظر بكل حالة جريح أو مصاب على حدة حسب درجة الإصابة والقدرة على العمل، والأفكار تقوم على إحداث مشاريع صغيرة بالتعاون مع الشركات الإنشائية في المنطقة الصناعية بطرطوس للمصاب الذي لا يستطيع العمل والذي سيقوم بدوره باستثمارها دون القدرة على التصرف فيها في البيع والشراء ، إضافة إلى إحداث مشاريع محددة للمصابين القادرين على العمل، أو تقديم منح مالية للمصابين لإكمال مشروع معين لهم، وهو بطبيعة الحال اتجاه من شأنه تخفيف العبء بشكل مباشر عن الدولة.
في نفس الاتجاه يرى الباحث في مجال التأمين الدكتور رافد محمد انه مع بدء الأزمة في سورية وتطورها منذ العام 2011 فقد أصبح ذوو الشهداء يمثلون شريحة واسعة من مجتمعنا، وأصبح لزاماً علينا جميعاً إيجاد برنامج متكامل لإعانة هذه الشريحة لتوفير متطلبات استمرارهم بحياة كريمة تليق بعظيم ما قدموه لهذا الوطن، إذ إن هذه الشريحة تتألف من مختلف الأعمار والمستويات التعليمية، فمنهم من لديه القدرة على العمل وقد يجد فرصته لذلك، ومنهم من لا يستطيع العمل نهائياً أو لا يجد الفرصة لذلك، وهنا يجب علينا النظر إلى مجمل هذه الحالات (أطفال، أرامل، عجائز وكبار السن، شباب) ومستوياتهم التعليمية والمهنية.
وهنا -برأي محمد- يمكن العمل على إعانة ذوي الشهداء من خلال بعض البرامج التأمينية مثل التأمين الصحي بما يشبه إلى حد ما التأمين الصحي للعاملين في الدولة، بحيث تتحمل إحدى الجهات العاملة في قطاع التأمين سداد الأقساط المترتبة على ذلك، من باب تعزيز مساهمة التأمين في التنمية الاجتماعية، أو إحدى الجهات الحكومية الراغبة بذلك، فتكاليف العلاج والاستشفاء تمثل هماً كبيراً لذوي الشهداء، كما يمكن العمل على برنامج تأمين الحوادث الشخصية لهذه الشريحة من المواطنين ، وهذا التأمين يغطي حالات العجز والأضرار الجسدية الناتجة عن الحوادث بشكل عام.
ولتوفير متطلبات الحياة لكبار السن -يتابع محمد- يمكن إطلاق منتج تأمين حياة تقاعدي (راتب تقاعدي) لغير الموظفين منهم، أما مصاريف التعليم فلها منتج تأميني معروف في معظم بلدان العالم وهو ما نسميه تأمين تعليم الأطفال والذي يمكن العمل على دراسة إمكانية إطلاقه فوراً في سورية لهذه الفئة.
وختم محمد بأنه من الضروري ممارسة قطاع التأمين لدوره في توفير فرص عمل لذوي الشهداء، وفي سبيل ذلك يمكن عقد اتفاقية بين مؤسسات التمويل الصغير أو المصارف الحكومية والخاصة من جهة وبين شركات التأمين من جهة أخرى، بحيث تتولى المؤسسات المصرفية منح قروض صغيرة لذوي الشهداء بضمانة التأمين بهدف توفير فرص عمل لهم.
المصدر: صحيفة الثورة السورية